جبال الصهاليل.. طرقات مفقودة والسقيا بالأمطار وللمرضى قصة أخرى..
في أعلى قمم محافظة هروب، وتحديدًا جبال الصهاليل وقراها؛ تتمركز معاناة عمرها حقبة من الزمن على الأقل، يعيشها سكان ذلك الجبل والقرى هناك، توجت بالموافقة على مشروع طريق يربط الصهاليل بمحافظة هروب، إلا أن ذلك الحل لم ينفذ حتى الآن.
وفي جولة لها على قمم جبال الصهاليل الواقعة شرق محافظة هروب؛ رصدت "سبق" معاناة سكان الجبل والأودية وهم المئات، يقطعون عشرات الكيلو مترات في طرقات ليست معبدة وصخرية شديدة الوعورة، ويمضون ساعات حتى يعبروا من الأودية إلى ضيعة الصهاليل باتجاه محافظة هروب، وتزداد معاناتهم عند هطول المطر الذي يقطع طرقهم بشكل دوري، إلا أن وزارة النقل قد وضعت معدة خاصة لهم لفتح الطرقات عند تساقط الصخور جراء الأمطار.
ويتكبد سكان جبال الصهاليل العناء البالغ بحثًا عن الماء، ويمرون بأشقّ المعاناة لسقي مزارع البن في جبالهم المرتفعة، التي لا توجد بها طرق معبدة يمكن للشاحنات وصهاريج المياه أن تصل إليها، ويظل السكان في جفاف حتى يهطل المطر ليملأ خزاناتهم التي تعتمد بشكل رئيس على مياه الأمطار؛ لينتفعوا بها ويسقوا مزارع البن منها.
ولم تكن معاناة سكان جبال ضيعة الصهاليل في محافظة هروب تنحصر في المياه والطرق؛ حيث يمر سكان الضيعة في أعلى "الجبل" بأوقات صعبة ومرة عند تنقلهم لأجل تحصين أطفالهم ضد الأمراض، ولم يتم تنفيذ قرار وضع مركز الطبابة في جبال الصهاليل، وما يزال أهالي الصهاليل يذوقون ويلات الطريق مع مرضاهم عند التنقل إلى المستوصفات المجاورة.
ورصدت "سبق" غابات جبال الصهاليل التي تعد واحدة من الغابات الجميلة جنوب السعودية، وتمتد على طول الجبال ويشاهدها الناس من بعيد كأنها أشجار صغيرة، بينما هي كبيرة وبعضها معمرة تغطي الجبال بغالبها.
ويقول السكان: إن جبالهم تتميز بطبيعة خلابة في موسم الربيع والأمطار، وهي وجهة سياحية تضاهي غيرها الكثير، ولكنها لم تنل نصيبها بعد من الاهتمام، بالإضافة إلى البيوت الأثرية التي لا يعرف تاريخها، وتجاورها قبور يعتقد أنها من عصور قبل الإسلام، والتي كان وجودها في رأس الجبال أعجوبة بحد ذاته في زمن المشقة.
وقال المواطن سلمان قاسم الصهلولي، الذي رافق "سبق" في التنقل لرصد الأوضاع في الجبل: نعاني أشد المعاناة من انعدام الخدمات في جبال الصهاليل، لم تصلنا وعود الطرق التي ستشقّ جبالنا بغيرها من الطرق، ولم تصلنا المستوصفات أو حتى نقطة الطبابة في أعلى الصهاليل، ولم توجد لدينا خدمات مياه على الإطلاق؛ وكل هذا بسبب الطرق، وأولادنا تجاوزوا "15 عامًا" قبل أن يدخلوا للتعليم فليست لدينا إمكانية لنقلهم على حسابنا بمبلغ ٧٠٠ ريال للواحد، ونحن لدينا دخل إلا الضمان الاجتماعي.
وأضاف: لا توجد اعتراضات على الطريق، إنما مطالبات بتعديل المسار الذي استهدف كل البيوت وجاء من فوقها، وهو ما نرفضه؛ فما فائدة الطريق بعد إزالة بيوتنا، ولكن نطالب بتعديل المسار بطريق يخدمنا بلا ضرر ويصلنا بهروب والأودية، وقد انتظرنا طويلاً.
وقال المواطن سلمان مفرح: لم يصلنا من الخدمات إلا سلك كهرباء، وأما الطرق والمياه والطبابة كلها لم تصلنا بعد، وحكومة المملكة لم تقصر ولن تقصر، ونعلم أن الخدمات بحاجة لطرق مناسبة لعبورها حتى تصل إلينا في ضيعة الصهاليل، أو في قرى الأودية.
وكانت "سبق" قد غطت جبال الصهاليل في تقارير سابقة قبل حوالي ٥ سنوات، وما تزال معاناة المواطنين مستمرة، وتوفيت خمس من نساء الكهف اللواتي ناقشت حالتهن من فقدان الهوية والفقر، وبقيت واحدة، وجميعهن لم تحل مشكلاتهن حتى لقين أجلهن.