تاريخ المدينة وأهم المواقع التاريخية والأثري

اتفق عدة مؤرخين وفي طليعتهم ابن الشباط التوزري بأنه مؤسس مدينة نفطة كان"قسطل بن مام ابن نوح عليه السلام بعد الطوفان. وعرفت في ذلك العهد باسم مؤسسها (قسطيلية) الرومانية. باللغةKASTEL أن التسمية من "القصور" والأرجح ورد أن مدينة قسطيلية اختفت بعد ثلاثة قرون من تأسيسها وظهر شمالها (مكان زاوية سيدي حمد الآن مدينة" كتهاور"2300 قدم أسسها النفتوهيم الفارون من مصر اتقاء غزو سلطان الرعاة .

وانقرضت"كتهوار" بعد خمسة قرون من تأسيسها وظهرت مكانها "أقارصل نبت" وهي التي أدركت الغزو الروماني وهي التي صالح أهلها عقبة بن نافع سنة 65 هـ ، وهي التي ولد بها طارق بن زياد البربري مولى موسى بن نصير وقائد الفتح للأندلس كما ذكره البارون ديكلام.

نفطة كانت تعرف بالكوفة الصغرى لكثرة علمائها وبثغر الصحراء وهي الرابطة بين غرب الشمال الإفريقي وشرقه وبين القيروان وجنوب الصحراء من بلاد السودان وعرفت ثراء واسعا لذلك ولكثرة مياهها وخصوبتها وجمال واحاتها.

وأنجبت علماء من أوائل العصور الإسلامية مثل أبي الحسن إسماعيل القرشاني في 240 هـ وعبد الرحمان ابن الصائغ النفطي تولى خطة قاضي الجماعة بتونس 646 هـ 1248 م. وإبن الإمام أبو القاسم عبد الرحمان الذي أتم أول شرح لصحيح مسلم سنـة 531هـ. والعالم السني قمة التصوف العملي والذي ركز المذهب السني بالجريد ونفزاوة في 610 هـ. وأبو العباس الدرجيني القرن 7 للهجرة، وصاحب كتاب الطبقات، واستمر عطاء نفطة وإشعاعها العلمي في مختلف العصور. نفطة مسقط رأس ( الشيخ المكي بن نصر) ولد "الشيخ المكي بن نصر" بنفطة، وهي ثاني مدن الجريد، بعد مدينة توزر بالجنوب الغربي من البلاد التونسية.

ومدينة نفطة معروفة منذ تاريخ قديم بمشائخها الأجلاء وبعلمائها الأفاضل، منهم الولي الصالح ابوعلي السني ، المعروف بسيدي بوعلي السني، المعروف بسيدي بوعلي، والعالم الجامع الشيخ المكي بن عزوز والشيخ الصالح الخضر بن الحسين الذي تولى مشيخة الجامع الأزهر بالقاهرة. ومدينة نفطة مشهورة أيضا بعدد جوامعها الكبيرة وكذلك مساجدها وأضرحة أوليائها الصالحين وأيضا بمجالس تدريس العلم و الفقه في الدين التي يقوم بها عدد من المشائخ والعلماء بمدينة نفطة لهذه الأسباب أطلق على مدينة نفطة تسمية الكوفة الصغرى تشبيها بمدينة الكوفة الموجودة بالعراق من ناحية انتشار مجالس العلم وتعداد بيوت الله. وخير ما تقدم به مدينة نفطة بعض ما جاء في القصيدة المطولة نظمها الشاعر الليبي علي نور الدين الفكيني في أكتوبر 1930م حيث قال:

فإذا نزلت بنفطـــة فاقصد بهــا أهل الوفــا والجـــود والإحســان قوم كرام قد علت أحسابهـــــم بنزاهـــة وتقى وصدق لســـان هـــم آلفوا بينهم بمجالـــس مزدانة بفصاحــــة وبيــــــان في كوفة الغرب التي قــد فاخرت بأبي علـي صاحـــب البرهـــان علم همام مصلح ذو همــــــة روحية، فذ، عظيم الشــــــان وبه الجريـــد زهي بإرشاداتــه متمتـعا باليسر والعمـــــــران واحاته وافــت بوافر دقلــــة ومراتع للغيد والغــــــــزلان

ويصف السيد علي نور الدين فاكيني بموضع آخر مدينة نفطة ومدن وقرى الجريد أخرى كما يلي : بها بساتين جميلة مزدهرة تشرب من العيون والآبار ....ومائها عذب زلال وتحيط بالواحات الرمال والسباخ وأرض من مراعي الإبل . وفي القرن العشرين أنجبت نفطة الشيخ محمد المكي بن عزوز ق/1915 م، من أصحاب خير الدين باشا و تلميذ و صديق الشيخ سالم بوحاجب زعيم الإصلاح . و الشيخ محمد المكي خال الشيخ الخض حسين الذي تولى مشيخة الأزهر سنة 1952 والذي نشر له الأستاذ علي الرضا الحسيني 26 تأليفا و كان رئيسا لمكتب تحرير المغرب بالقاهرة و شيخ كبار علماء الازهر و الشيخ النوري بن بلقاسم و محمد بن إبراهيم الذي كان يلقب بجنرال العلماء ، و عمر زعيبط و العروسي العبادي و التابعي الوادي و إبراهيم الحداد و التارزي بن عزوز و إبراهيم بن حسن و إبراهيم خريف و إبراهيم صمادح والشيخ محمد بن حمد والموثق المؤرخ محمد الصالح المهيدي صديق الشاعرين مصطفى خريف و أبي القاسم الشابي والطاهر الحداد و الشعراء الكثيرون منهم محي الدين خريف وعبد الباقي خريف و الشاعر الاجتماعي والسيد التابعي وعبد الحميد خريف الشاعر الصحافي واحمد عامر الصحافي الشهير .

ومن الشعراء الفحول مثل محمد بن رمضان في عهد الدولة الفاطمية الذي كان قاضيا على طبنة ( بالجزائر) و مصطفى خريف صديق أبي القاسم الشابي و صاحب الديباجة والمتانة و المنور صمادح و الميداني بن صالح رئيس اتحاد الكتاب التونسيين الآن . و القصاص المبدع البشير خريف و الهادي بن صالح و التابعي الأخضر ، والدكتور عبد الحميد الأرقش رئيس قسم التاريخ بجامعة منوبة وصاحب التآليف الدقيقة مثل كتابه المطبوع بالغة الفرنسية: "المهمّشون بتونس" والدكتور عبد الكريم قابوس والمختص في المسرح والسينما والأديب التابعي الأخنش الذي كان ينظم الشعر الجيد باللغة الفرنسية وكان من أوائل التونسيين الذين درسوا بجامعة مونبيليى بفرنسا، وفتى الواحة(عبد الرحمان عمار) الأديب المتعدد المواهب والصحفي المناظل نجيب بن السعيد بن عزوز صاحب جريدة الإعلان. والأستاذ أحمد جليد رئيس قسم الدوريات بالمكتبة الوطنية بتونس والذي كان نعم المعين لكل الباحثين ، بكل تفان وإخلاص.


نفطة كانت تعد 50 مسجدا و 16 جامعا ( إلى أول عهد الاستقلال ) و آهل مالي يعدون

نفطة خامس بلد في الإسلام ، و بها من الفرق الصوفية العلوية و القادرية و الرحمانية (العزوزية ) والسلامية. و كانت نفطة بيت العلوم الإسلامية و حفظ القرآن و خاصة للطلبة الجزائريين و أولاد بويحيى وتمغزة و الفراشيش و الجنوب الشرقي من أهل مدنين و تطاوين و بن قردان و قد تخرج منها أمثال الشيخ العربي التيسي الذي كان نائب الشيخ ابن باديس في جمعية العلماء و اغتاله الاستعمار الفرنسي ، و الدكتور الإقبال موسى مدير البحث العلمي بجامعة الجزائر و الطاهر الزردومي من قادة الثورة ، استشهد في معركة تحرير الجزائر و غيرهم كثير. وكانت مأمنا لــ700 مهاجر من الإخوان الجزائريين حيث يجدون الأمن والمعونة كما كان الطلبة يجدون الرعاية و ضمان السكن و المئونة والتعليم مجانا لوجه العلم كما هو الشأن في جميع ربوع الجريد.

و أنجبت نفطة زعماء الكفاح و التحرير أمثال : الشيخ الشافعي الشريف مؤسس الحزب الحر الدستوري بنفطة سنة 1920 و الذي كان عالما محاضرا شارك في نشاط جمعية العلماء ابن الجزار وكان الاستعمار الفرنسي يضطهده ويسجنه ويتتبع حركاته خاصة عند نفي الزعماء إلى برج" اليوف" 1932 في كتاب وثائقي عن البوليس والمراقبين المدنيين والجند رمة الفرنسية اسم الشيخ الشافعي مذكور في 28 موضعا يرصد الاستعمار حركاته. والعربي اشرن وعبد الحفيظ بردولة و محمد الصغير باباي ومحمد جلابي ومحمد علي الأخنش والهادي بن عامر وعلي الزين وعبد المجيد بكيروالإخوان إبراهيم وعبد الله صميدة ومحمد المرتضى الوادي ومحمد بن أبي بكر المصطفى الذين هدمت ديارهم وأتلف ما فيها بوحشية من طرف اللفيف الأجنبي الذين أعطوا الأمر بقتل من يجدونه بنفطة من الوطنيين بدون محاكمة والتارزي الزين وخليفة زعيبط الذان قضيا خمس سنوات أشغال شاقة بسجن "لمبير" بالجزائر و علي عيساوي وأبو بكر بن العربي الذين غصت بهم السجون والمنافي ورفاقهم في المقاومة مثل عبد الحفيظ النوي الذي كلف باغتيال إحدى الوزراء الخونة وهرب من السجن ليلتحق بجبل إشكل في المقاومة والطاهر الأخضر الذي كان قائدا وواصل الكفاح حتى بعد الاستقلال الداخلي والإمام صميدة في معركة بنزرت ( والذي كان معتمدها) بصحراء الجزائر حيث بقوا 6 أشهر فيهم من استشهد مثل محمد عيساوي واخترقت رصاصة صدر ابنه العلوي بقي بعدها مريضا إلى أن توفي والمحكوم عليهم بالإعدام: أحمد العياشي وعبد الحفيظ الحداد (ما زال على قيد الحياة وبذاكرة جيدة) وعبد الحفيظ النوي المذكور آنفا والهادي حناشي صاحب القنابل على جماعة" كلونا" عميد المعمرين الفرنسيين في مقر إجتماعهم وعلى سكنى الوزير الأول الخائن بمدينة تونس والشهيد رضا زين العابدين بمعركة فلسطين 1948 . والمتطوعون من نفطة في هذه المعركة كثيرون ومن الشهداء حميدة الهمامي في حوادث 9 أفريل 1938 بباب سويقة وحميدة السعيد بن الحاج بلقاسم والشهيد الهادي جلابي بلغم بغار موسى 24 كلمتر بغربي نفطة شمالا.والإلمام بالحديث عن المنضلين بنفطة يتطلب سجلا منفردا... وفي معركة بنزرت و الصحراء جندت نفطة 100 شاب تدربوا على السلاح شاركوا بالحدود وبنزرت استشهد في الأخير أحمد شريط وغيرهم كثير أسماء بعضهم مدونة بنصب الشهداء بسوق نفطة وتعتبر نفطة قلعة نظالية و في مؤتمر قصر هلال من 36 نائبا عن الجمهورية كان 6 منهم من نفطة وبعد تحويرات وتخريبات عديدة لأسباب سياسية مختلفة ظهرت مدينة نفطة الحالية سنة 1535م بأريافها ويذكر النسيخ إبراهيم خريف أن أقدم عائلة معروفة الآن بنفطة هي عائلة "الحزامية" العلوية المتواجدة منذ القرن الخامس للهجرة وناصروا أبي علي السني، وما زالت نفطة تكافح للمحافظة على مجدها ولو يحزم أهلها أمرهم ويركزوا على أهم مشاغلهم فإن حكومة العهد الجديد سماعة ومنجزة وخاصة فخامة رئيس الجمهورية زين العابدين بن علي الذي يعطف على هذا البلد وخاصة بأول زيارة له بعد إنقاذه البلاد وهو خير من يحقق آمالهم وخاصة استمرارية الواحة وخصبها