يعد المسجد النبوي الشريف واحداً من المساجد الثلاثة التي يجوز أن تُشّد الرحال إليها، وكما جاء بالحديث الشريف الذي رواه الصحابي أبي سعيد الخدري عن النبي صل الله عليه وسلم قال (لا تُشَدُّ الرحالُ إلا إلى ثلاثةِ مساجدَ، مسجدِ الحرامِ، ومسجدِ الأقصَى، ومسجدي هذا)، كما أن فضل الصلاة به تعادل (1000) صلاة في المساجد الأخرى، وكما قال الرسول بحديثه (صلاةٌ في مسجدي هذا، خيرٌ من ألفِ صلاةٍ في غيرِه من المساجدِ، إلا المسجدَ الحرامَ)، وقد أسسّه النبي الكريم مع الصحابة ليكون المركز الأول لانطلاق الدعوة والإسلام ومنارة للعبادات.
هاجر سيدنا محمد صل الله عليه وأصحابه من مكة لجور وأذى أهلها وحقد سادتها عليه وعلى الدعوة الإسلامية إلى يثرب، والتي عُرفت بعدها بالمدينة المنورة، والواقعة حالياً بالجهة الغربية للمملكة العربية السعودية.
عندما وصل النبي للمدينة المنورة أخذ الأنصار يطمعون بنيل شرف استضافته، إلا أن الرسول رفض، وحتى يفصل في هذا الشأن، أمرهم بترك ناقته (القصواء) وإخلاء سبيل سيرها، حتى تبرك بالمكان المأمورة به، لتبرك في مربد سهل وسهيل وهما غلامين يتيمين من الأنصار، حيث قام الرسول بشراء الأرض منهما ودفع ثمنها عشرة دنانير، ليأمر بعدها المهاجرين والأنصار ببناء مسجده الشريف.
قام الرسول عليه الصلاة والسلام بالبدء ببناء المسجد في 1 هجري والموافق 622 ميلادياً، بيده المباركة وبمساعدة أصحابه بنقل الحجارة واللبِن وهو يردد (اللهم إن العيش عيش الآخرة فارحم الأنصار والمهاجرة).
وصل عمق أساس حجارة المسجد إلى حوالي ثلاثة أذرع، وشُيّدت أعمدته من جذوع النخيل وبطول خمسة وثلاثون متراً وعرضه ثلاثون متراً، وجدرانه من اللبِن بارتفاع مترين، وغُطيّ سقفه بالجريد، وبوسطه رحبة ومحراب، لتبلغ مساحته الكليّة ما يقارب (1060) متراً مربعاً.
يوجد به ثلاثة أبواب، الباب الجنوبي الأول وذلك لأن القبلة كانت نحو بيت المقدس بالشمال، أما الباب الشرقي والذي سمّاه الرسول بـ (باب عثمان)، والمعروف حالياً بباب جبريل، والباب الغربي ويسمى (باب الرحمة)
. قام الرسول الكريم في السنة الثانية للهجرة بتحويل القبلة من بيت المقدس إلى مكة المكرمة، حيث تم فتح الباب الشمالي وإغلاق الباب الجنوبي.
كما بنى عليه الصلاة والسلام حجرة له بجوار المسجد الشريف، ليسكن بها وحجرات لزوجاته (عليهن رضوان الله)، حيث يوجد قبر رسول الله في حجرته الطاهرة وقبر الصحابيين أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما